ما الذي يحتاجه العالم الآن؟

بيورن لومبورغ, Tuesday 6 Jun 2023

 

 

يواجه العالم العديد من التحديات، ما بين تأثيرات التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة، والآثار المستمرة لوباء COVID، والصراعات الجيوسياسية مثل الغزو الروسي لأوكرانيا. وسط كل هذا، يصادف عام 2023 نهاية منتصف المدة لأهداف التنمية المستدامة (SDGs)- القائمة المترامية الأطراف المكونة من 169 طموحًا وعد فيها جميع قادة العالم بكل شيء لكل فرد.

 

لقد وعدت الحكومات في جميع أنحاء العالم بالقضاء على الجوع والفقر والمرض، ووقف تغير المناخ والفساد والحرب مع ضمان جودة التعليم وكل شيء جيد آخر يمكن أن تتخيله، بما في ذلك التفاح العضوي والحدائق المجتمعية للجميع.

 

ليس من المستغرب أن يفشل العالم في كل وعد تقريبًا. نحن في منتصف المدة، لكن أبداً لم نقترب من منتصف الطريق.

 

نحن نحتاج لكي لنؤدي أداءاً أفضل.

 

أولاً، نحن بحاجة إلى محادثة أفضل حول الأولويات. يعمل مركز الأبحاث الخاص بي مع الحكومات في جميع أنحاء العالم، من أوغندا إلى تونغا وأوزبكستان، للمساعدة في قرارات الإنفاق الوطني من خلال البحث عن السياسات التي تحقق أكبر الفوائد لكل جنيه يتم إنفاقه. إذا كانت هناك مصالح سياسية، فلدينا الموارد للقيام بذلك أيضاً في مصر. نقطة البداية هي محادثة وطنية حول الأولويات القصوى.

 

ثانيًا، نحتاج إلى إنقاذ الأهداف العالمية وإنهاء التردد العالمي. نظرًا لندرة الموارد في كل مكان، نحتاج إلى إعطاء الأولوية لأفضل الأشياء أولاً.

 

لسوء الحظ، لا يزال العديد من قادة العالم يعتقدون أن الطريق إلى التقدم هو المجيء إلى الأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا العام وإلقاء خطابات رفيعة المستوى حول مدى أهمية تحقيق كل وعد من الوعود الـ 169، ثم يقترحون أنه فقط من خلال استهداف النجوم، يمكن الوصول إلي أي مكان.

 

لكن التفكير القائم على التمني لن يغير حقيقة أنه لا توجد وسيلة للوفاء بكل هذه الوعود في الوقت المناسب. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يدعو الآن بشكل غير معقول إلى حزمة تحفيز سنوية بقيمة 500 مليار دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذا مساوٍ لأضعاف ما تنفقه بالفعل على المساعدات الخارجية. بالمختصر، هذا لن يحدث.

 

حتى لو تم إقناع دافعي الضرائب على مستوى العالم بدفع نصف تريليون دولار كما هو مطلوب، فسيظل هذا أقل ب 20 مرة مما نحتاج.  تكلفةتحقيق كل الوعود تقدَّربحوالي 15-20 تريليون دولار في السنة. في الوقت الحالي، يتم تمويل أقل من ربع المبلغ ومعظم هذا الإنفاق يتم في البلدان الغنية، وليس في البلدان الفقيرة حيث تكون أمس الحاجة إلى التنمية.

 

هذا يترك عجزاً سنوياً من 10-15 تريليون دولاروهو ما يعادل إجمالي المدخول الضريبي البالغ 13 تريليون دولار من كل حكومة في العالم. هذه فجوة مالية لا يمكن سدها ببساطة.

 

نحن بحاجة إلى التحول من الخطاب الفارغ ووعود التريليون دولار إلى عمل حقيقي وفعال بمليارات الدولارات. حان الوقت لتركيز انتباهنا حيث يهم أكثر.

 

الحقيقة هي أنه من جميع أهداف التنمية المستدامة، بعض الوعود لا تحتوي على حلول قوية وفعالة من حيث التكلفة. وعود أخرى لها استثمارات فعالة بشكل لا يصدق ويمكن أن تحقق تقدمًا مذهلاً مقابل بضعة مليارات من الدولارات سنويًا.

 

خذ وعد أهداف التنمية المستدامة المهم بتحسين التعليم.  أظهرت الأبحاث باستمرار طرقًا رخيصة وفعالة لزيادة التعلم. الأجهزة اللوحية التي تحتوي على برامج تعليمية تستخدم ساعة واحدة فقط في اليوم على مدار عام تكلف 20 دولارًا فقط لكل طالب وتؤدي إلى التعلم الذي يستغرق عادةً ثلاث سنوات. يمكن لخطط التدريس شبه المنظمة أن تجعل المدرسين يقومون بالتدريس بشكل أكثر كفاءة، مما يؤدي إلى مضاعفة نتائج التعلم كل عام مقابل 10 دولارات فقط لكل طالب. يمكننا تحسين التعليم بشكل كبير لما يقرب من نصف مليار طالب في المدارس الابتدائية في النصف الأكثر فقرًا في العالم بأقل من 10 مليارات دولار سنويًا. سيؤدي هذا الاستثمار إلى زيادة الإنتاجية على المدى الطويل بقيمة 65 دولارًا لكل دولار يتم إنفاقه.

 

أو فكر في وعد أهداف التنمية المستدامة بالحد من الجوع. نحن بحاجة لثورة خضراء ثانية. في الستينيات، خلقت التطورات بذورًا أكثر كفاءة سمحت للمزارعين بإنتاج المزيد من الغذاء بتكلفة أقل. الآن، هناك حاجة ماسة للبحث والتطوير الزراعي في النصف الأكثر فقراً في العالم. هذا الإنفاق من شأنه أن يقلل من سوء التغذية، ويساعد المزارعين على أن يصبحوا أكثر إنتاجية، ويقلل من تكاليف الغذاء. يمكن أن يؤدي إنفاق 5.5 مليار دولار سنويًا إلى تحقيق عائد لا يصدق من الفوائد طويلة الأجل بقيمة 184 مليار دولار.

 

تدابير بسيطة لتحسين الظروف المحيطة الولادة يمكن أن تنقذ حياة 166,000 أم و 1.2 مليون مولود جديد كل عام، مقابل أقل من 5 مليارات دولار سنويًا.

 

لقد حدد الاقتصاديون العاملون مع فريق بحث إجماع كوبنهاغن 12 سياسةً قوية من شأنها أن تحقق فوائد هائلة عبر أهداف التنمية المستدامة بتكاليف منخفضة نسبيًا. يمكنك قراءة المزيد عن هذه في كتابي الجديد أفضل الأشياء أولاً. بمبلغ إجمالي قدره 35 مليار دولار سنويًا، يمكننا القيام بكل ما هو مذكور أعلاه، بالإضافة إلى أنه يمكننا تجنب مليون حالة وفاة بسبب مرض السل كل عام بحلول عام 2030، وتحسين سجلات ملكية الأراضي، وتعزيز التجارة، والحد من الملاريا، وتمكين المزيد من حركة العمال المهرة للحد من عدم المساواة، تحسين مستويات التطعيمات، وتحقيق إنجازات كبيرة في تغذية الأطفال، وإنقاذ 1.5 مليون شخص من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم.

 

في المجموع، يمكن لهذه السياسات أن تنقذ 4.2 مليون شخص كل عام وتجعل العالم الأفقر 1.1 تريليون دولار أكثر ازدهارًا كل عام. من الناحية الاقتصادية، فإن كل دولار يتم إنفاقه سيوفر 52 دولارًا من الفوائد الاجتماعية.

 

من المحتمل أن يكون السعي وراء هذه الاستثمارات الهائلة الاثني عشر أفضل ما يمكن للعالم أن يفعله هذا العقد.

 

يجب أن نبدأ محادثة وطنية حول الأولويات في مصر. وعلينا أن نتأكد من أن العالم يجري محادثة مماثلة بشأن وعوده العديدة. فلننقذ جدول أعمال أهداف التنمية المستدامة ونستفيد إلى أقصى حد من السنوات السبع المتبقية. دعونا نعطي الأولوية لما يمكن أن يقدم أكثر الفوائد التي لا تصدق للعالم.

 

الدكتور لومبورغ هو رئيس إجماع كوبنهاغن، وزميل زائر في معهد هوفر بجامعة ستانفورد ومؤلف الكتاب الجديد "أفضل الأشياء أولاً".

 

Search Keywords:
Short link: